Maria Ron Balsera - @RTEProject
23 حزيران (يونيو) 2016

.الشراكة بين القطاعين العام والخاص هو مصطلح شامل يشير إلى ترتيب بين الحكومة واحدى الجهات الخاصة أو أكثر لتقديم خدمة. سنناقش في هذه المقاله التعليم تحت مظله الشراكه بين القطاعين العام والخاص 

 عاده ما يتم جعل هذا الاتفاق او الترتيب رسميا من خلال ابرام عقد يحدد طبيعة الخدمة ومده تقديم الخدمة، والمخاطر والتكاليف التي سيتحملها كل طرفوغيرها من القضايا. تتفاوت الخدمات التي تقدمها هذه الشراكات بين القطاعين العام والخاص، بما في ذلك : خدمات الإدارة والصيانة والبنية التحتية وخدمات الدعم مثل النقل والوجبات المدرسية والتنظيف والأمن، وما إلى ذلك.


لأن هذا التعريف واسع إلى حد ما ، سوف اركز في هذه المقاله على نوع من الشراكات بين القطاعين العام والخاص والذي يثيرالقلق في أوساط  العاملين والمدافعين عن حقوق الإنسان والأوساط التعليمية  وهو: شراكات القطاعين العام والخاص حيث  تتم إدارة المدارس من قبل جهات خاصة مثل( المدارس الحرة، الأكاديميات ، الخ ) و تدفع الحكومة مقدار مالي لتحفيز الطلاب  للحضور، ويمكن أن يتم دفع هذا المبلغ من خلال قسائم والتي من الممكن تبديلها من قبل الاهل او الاوصياء في المدرسة  التي اختاروها أو تدفع مباشرة إلى المدرسة على حسب نصيب الفرد . ويمكن أن تغطي الرسوم المدرسية كامله أو تدعم تلك الرسوم . هذه القسائم يمكن أيضا أن تكون عامة ( التي تؤثر على جميع الطلاب ) أو محددة، أي تستهدف بعض الطلاب والمدارس والمناطق الجغرافية.

على الرغم من أن القانون الدولي لحقوق الإنسان لا ينص بوضوح على من تقع مسؤليه التزويد المباشر للخدمات التعليمية (العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية٬ اللجنة العامة ١٣٬ المادة ٨) الا انه يشير إلى أن الدول تتحمل المسؤولية الرئيسية في التوفير المباشر للتعليم في معظم الظروف ( اللجنة المذكورة ٬ المادة ٤٨) . وأوضح المقرر الخاص المعني بالحق في التعليم أنه وبغض النظر عن المزود: " تظل الدولة هي الضامن والمنظم للحق في التعليم" ( المادة١٢١) . وأكد أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص يجب ألا تعرقل الوصول إلى التعليم الجيد للجميع بالمجان  (المادة ١٢٣) ، و يجب على الدولة تنظيم ومراقبة هذه الشراكات (المادة ١٢٨) وتخصيص أقصى قدر من الموارد المتاحة لإعمال الحق في التعليم . وبالمثل، فإن ممارسة الهيئات المنشأة بموجب معاهدات والقانون توحي أنه وبالرغم من أن التمويل العام للمدارس الخاصة ممكن، فإنه عموما، لا يكون الحل الوحيد أو المهيمن - لجنة حقوق توصيات الطفل في البرازيل أو تشيلي في ٢٠١٥.

على الرغم من أن نماذج أخرى لشراكات القطاعين العام والخاص يمكن ان تعزز الحق في التعليم ، سيتم تحليل إمكانيات الشراكات بين القطاعين ادناه مع التركيز على القسائم ( التي تم ذكرها اعلاه) و قدرتها على تعزيز أو انتهاك الحق في التعليم باستخدام المعايير الخمسة التي قمنا بتطويرها لتقييم قدرة مقدمي خدمات التعليم الخاص للتماشي مع حقوق الإنسان.


اولا: هل  تؤدي للتمييز أو الفصل، أو خلق أو زيادة في عدم المساواة؟

من الناحية النظرية، إذا كانت الشراكات بين القطاعين العام والخاص مصممة بشكل جيد وتخضع للتنظيم والمراقبة،  فلن تؤدي الى تميز أو زيادة عدم المساواة. ومع ذلك، هنالك  مثال على شراكات القطاعين العام والخاص شهيرة جدا وهي نظام القسائم في تشيلي والذي أدى إلى عدم مساواة كبير (كما هو موضح بشكل واضح في نتائج التقييم الدولي للطلاب PISA)، وادت هذه الشراكه الى الفصل وايجاد ممارسات تمييزية في القبول في المدارس (مثل شهادة زواج الوالدين، والشهادات الدينية، إلخ.). ونتيجة لذلك، انتقدت لجنة حقوق الطفل وجود مستويات عالية في تشيلي من العزل والاختلافات في نوعية التعليم.

وعلى الرغم من  أن مستويات المساءلة يجب ان تكون ذات قدرة و جودة عالية خاصة لبرنامج اختيار الوالدين (ميلووكي)،  قام العديد من الباحثين (كارنوي وماك إيوان، ٢٠٠٣؛ مولنار، ٢٠٠١) باثاره مخاوف بشأن التمييز، وخاصة للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة  عند تطبيق برنامج القسائم في الولايات المتحدة الامريكيه 

عندما  نرى النتائج لهذه التجارب في تشيلي والولايات المتحده الامريكيه يجب  أن نتساءل حول الانتهاكات المحتملة لحقوق الإنسان والتي  يمكن أن تؤثر سلبيا خاصه في الدول ضعيفة البنية حيث الفساد منتشر والمساءلة لمقدمي الخدمات الخاصه إما غير موجودة أو غير فعالة.

ثانيا: هل تؤدي هذه الشراكات إلى مدارس ابتدائية خاصة لا تفرض رسوم كونها الخيار الوحيد، هل هي اختيارية او هي موجوده بالإضافة الى المدارس المدعومه من الدولة والتي تقدم خدمات ذات جودة؟

تستفيد العديد من البلدان، ولا سيما في أوروبا، من صيغ الشراكة بين القطاعين العام والخاص لدعم التعددية في مجال التعليم. تعطي بعض من هذه الشراكات  الطلاب القدرة على اختيار المدارس غير الحكومية المجانية، مثل المدارس الدينية الخاصة في المملكة المتحدة، وتقدم دول أخرى دعما جزئيا  لتغطيه الرسوم، مثل إسبانيا، فضلا عن توفير نظام عام قوي وأوسع يوفر التعليم المجاني.هذه الصيغ عموما تشكل انتهاكا للحق في التعليم، طالما استوفوا المعايير الأربعة الأخرى.

ولكن هناك نماذج أخرى تعد مثيرة للجدل، فمثلا كان بامكان مدارس الشراكة بين القطاعين العام والخاص(المدارس المدعومة)، قبل اصلاح التعليم الاخير في تشيلي،  ان تجبي رسوما اضافية، الأمر الذي غذى فجوات اجتماعيه واقتصاديه . تتطلع العديد من الدول مع الفجوة التمويلية الحالية لتلبية الأهداف الإنمائية المستدامة، إلى شراكات القطاعين العام والخاص باعتبارها وسيلة فعالة من حيث التكلفة لتلبية الطلب المتزايد على التعليم. وإن كان في أفضل الحالات هذه الشراكات بين القطاعين العام والخاص تهدف إلى توفير التعليم المجاني، وما زالت هنالك تساؤلات حول تأثير مساهمتهم في مستوى المساواة، والموقع الجغرافي لهذه المدارس وكذلك البيئه التعليميه والعبء المالي على المدى الطويل للدول. ويمكن أن تؤدي الشراكات بين القطاعين العام و الخاص أيضا، بسبب محدودية موارد الدولة، الى هدر الأموال، مما يزيد من مخاطر انتزاع الأموال من الاستثمار في التعليم العام، مثل حالات تشيلي وباكستان والهند والبرازيل والولايات المتحدة.

 ثالثا: هل يتم تنظيم ورصد هذه الجهات الخاصة المقدمة للخدمة بطريقة كافية و ناجعة؟

 تشير المراجعه التي قام بها مشروع الحق في التعليم حول القوانين الوطنيه إلى خلاف ذلك، فهناك قلق متزايد بشأن قدرة الدول ( وغالبا رغبتها ب) على مراقبة  مزودي خدمه التعليم من القطاع الخاص حسب معايير التعليم الدنيا ( كما هو الحال في أوغندا ، وغانا، و كينيا وباكستان )، لا سيما في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتضررين من الفساد . من المعروف ايضا ان المقدم لخدمه التعليم من القطاع الخاص يسعى لتقليل الكلفه و ذلك من خلال دفع رواتب قليله للمعلمين/ات  مثل المدارس في كولومبيا أو مدارس الشراكة بين القطاعين العام و الخاص في باكستان، حيث يتم في كثير من الأحيان توظيف معلمين/ات غير مؤهلين/ات . ينبغي أن يكون مؤهل المعلمين/ات  جزء من الحد الأدنى من المعايير التي يتعين على الدول أن تنفذها . تقوم شركات التعليم بدوافع تجارية في كثير من الأحيان بالضغط على الحكومات لعدم تنظيم القطاع التعليمي أو لا تتبع المعايير القائمة.

رابعا: هل تؤدي الشراكات بين القطاعين العام و الخاص الى تقويض الطبيعة الإنسانية للتعليم؟

بما ان منطق السوق هو المسيطر على معظم هذه الشراكات التي تهدف الى اصلاح التعليم، فإن الكفاءه من حيث التكلفة والمنافسة هي الاولوية، لا تمكين الأطفال لتطوير قدراتهم. يؤدي هذا غالبا الى التدريس من أجل أن يجتاز الاطفال الاختبار لتحسين مكانة المدرسة حسب سلم العلامات. ويمكن أن يؤدي أيضا ( بشكل سري او علني ) للتمييز واختيار الطلاب الأكثر قدرة على الأداء الجيد، وغربلة الأطفال ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة (كما هو الحال في المدارس في كولومبيا، وفي برنامج قسيمة ميلواكي أو كليفلاند للمنح الدراسية و برنامج الدروس الخصوصية في الولايات المتحدة)

نقلا عن نموذج تشيلي، أثارت لجنة حقوق الطفل المخاوف حول: ان "التعليم يجري تقييمه وفقا لمعايير ومؤشرات معرفية، باستثناء القيم والمواقف مثل المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة، والتنمية للتعاطف، واحترام الالتزامات والمشاركة في الحياة الديمقراطية واحترام البيئة.

خامسا: هل يتم مناقشه دور القطاع الخاص علنا  بما يتماشى مع مبادئ الشفافية والمشاركة ؟

في حالة شيلي، كان من الواضح أن الاجابه هي النفي حيث ان الاصلاح الذي تضمن اعطاء  القسائم كان خلال فتره حكم ديكتاتورية بينوشيه، ولكن بغض النظر عن النظام السياسي ان كان دكتاتوريا ام لا٬ عادة ما يتم تصميم هذه  الشراكات بين القطاعين العام والخاص وراء أبواب مغلقة، دون التشاور مع الجمهور . وبالمثل،  فإن هذه الشراكات عاده لا تكون نتيجه لاختبار حقيقي و دراسة لنتائجها المحتمله على المساواة - و خاصه للفئات المهمشه. عادة ما يدور النقاش، إن وجد، حول قدرة هذه الشراكات على زيادة الاختيار، لتوفير المال ، ورفع جودة التعليم من خلال المنافسة؛ مما يعني  تجاهل المخاطر التي سبق ذكرها حول  حقوق الإنسان.

يمكنكم الوصول الى النص الاصلي المترجم من خلال هذا الرابط، مع جزيل الشكر للشبكة العالمية لوكالات التعليم في حالات الطوارئ (INEE) لترجمتها هذه المدونة.
 

 

د. ماريا رون-بالسيرا ٬ باحثه ومنسقة في قسم التأييد والمناصرة في مشروع الحق في التعليم.

 

 

إضافة تعليق جديد

(If you're a human, don't change the following field)
Your first name.
(If you're a human, don't change the following field)
Your first name.
(If you're a human, don't change the following field)
Your first name.